الرئيسية
الاتصال بنا
الرئيسية
الاتصال بنا
مقتل مسلم ابن عقيل(ع)
مقتل مسلم ابن عقيل(ع)
مقتل مسلم ابن عقيل(ع)
قصص
مسلم بن عقيل (ع)
قال العلاّمة المقرّم في مقتل الحسين (عليه السلام) :
« ولمّا بلغ مسلماً خبر هاني خاف أن يؤخذ غيلة، فتعجّل الخروج قبل الأجل الذي بينه وبين النّاس، وأمر عبدالله بن حازم أن ينادي في أصحابه، وقد ملأ بهم الدور حوله، فاجتمع إليه أربعة آلاف ينادون بشعار المسلمين يوم بدر : « يا منصور أمت » .
ثمّ عقد لعبيدالله بن عمرو بن عزيز الکندي على ربع کندة وربيعة وقال : سر أمامي على الخيل، وعقد لمسلم بن عوسجة الأسدي على ربع مذحج وأسد وقال : انزل في الرجال، وعقد لأبي ثمامة الصائدي على ربع تميم وهمدان، وعقد للعبّاس بن جعدة الجدلي على ربع المدينة .
وأقبلوا نحو القصر، فتحرّز ابن زياد فيه، وغلق الأبواب ولم يستطع المقاومة ; لأنـّه لم يکن معه إلاّ ثلاثون رجلاً من الشرطة وعشرون رجلاً من الأشراف ومواليه، لکنّ نفاق أهل الکوفة وما جبلوا عليه من الغدر لم يدع لهم عَلماً يخفق، فلم يبق من الأربعة آلاف إلاّ ثلاثمائة([1]) .
نقل الطبري عن عبّاس الجدلي، قال : خرجنا مع ابن عقيل أربعة آلاف، فما بلغنا القصر إلاّ ونحن ثلثمائة، قال : وأقبل مسلم يسير في النّاس من مراد حتّى أحاط بالقصر، ثمّ إنّ النّاس تداعوا إلينا واجتمعوا، فوالله ! ما لبثنا إلاّ قليلاً، حتّى امتلأ المسجد من النّاس والسوق وما زالوا يثوبون حتّى المساء، فضاق بعبيدالله ذرعه، وکان أکبر أمره أن يتمسّک بباب القصر وليس معه إلاّ ثلاثون رجلاً من الشُّرط، وعشرون رجلاً من أشراف النّاس وأهل بيته ومواليه، وأقبل أشراف النّاس يأتون ابن زياد يشرفون عليهم، وينظرون إليهم، فيتّقون أن يرموهم بالحجارة، وأن يشتموهم وهم لا يفترون على عبيدالله وعلى أبيه، ودعا عبيدالله کثير بن شهاب بن الحصين الحارثي فأمره أن يخرج فيمن أطاعه من مذحج فيسير بالکوفة، ويخذّل النّاس عن ابن عقيل، ويخوّفهم الحرب، ويحذّرهم عقوبة السلطان، وأمر محمّد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه من کنده وحضرموت فيرفع راية أمان لمن جاءه من النّاس، وقال مثل ذلک للقعقاع بن شور الذهلي وشبث بن ربعي وحجّار بن أبجر العجلي وشمر بن ذي الجوشن العامري وحبس سائر وجوه النّاس عنده استيحاشاً إليهم لقلّة عدد من معه من النّاس، وخرج کثير بن شهاب يخذّل النّاس عن ابن عقيل .
قال الطبري ـ عمّا نقله عن أبي مخنف ـ : حدّثني سليمان بن أبي راشد عن عبدالله بن حازم الکبرى من الأزد من بني کبير، قال : أشرف علينا الأشراف فتکلّم کثير بن شهاب أوّل النّاس حتّى کادت الشمس أن تجب فقال : أيّها النّاس، الحقوا بأهاليکم ولا تعجلوا الشرّ، ولا تعرّضوا أنفسکم للقتل، فإنّ هذه جنود أمير المؤمنين يزيد قد أقبلت، وقد أعطى الله الأمير عهداً لئن أتممتم على حربه ولم تنصرفوا من عشيّتکم أن يحرم ذرّيّتکم العطاء، ويفرّق مقاتلتکم في مغازي أهل الشام على غير طمع، وأن يأخذ البرئ بالسقيم، والشاهد بالغائب حتّى لا يبقى له فيکم بقيّة من أهل المعصية إلاّ أذاقها وبال ما جرت أيديها، وتکلّم الأشراف بنحو من کلام هذا، فلمّا سمع مقالتهم النّاس أخذوا يتفرّقون وأخذوا ينصرفون .
قال الطبري عن أبي مخنف : فحدّثني المجالد بن سعيد أنّ المرأة کانت تأتي ابنها أو أخاها فتقول : انصرف ; النّاس يکفونک، ويجيئ الرجل إلى ابنه أو أخيه، فيقول غداً يأتيک أهل الشام فما تصنع بالحرب والشرّ ؟ انصرف، فيذهب به، فما زالوا يتفرّقون ويتصدّعون حتّى أمسى ابن عقيل وما معه ثلاثون نفساً في المسجد حتّى صلّيت المغرب، فما صلّى مع ابن عقيل إلاّ ثلاثون نفساً، فلمّا رأى أنـّه قد أمسى وليس معه إلاّ اُولئک النفر خرج متوجّهاً نحو أبواب کندة، فلمّا بلغ الأبواب ومعه منهم عشرة، ثمّ خرج من الباب وإذا ليس معه إنسانٌ، والتفت فإذا هو لا يحسّ أحداً يدلّه على الطريق ولا يدلّه على منزل ولا يواسيه بنفسه إن عرض له عدوّ، فمضى على وجهه يتلدّد في أزقّة الکوفة لا يدري أين يذهب، حتّى خرج إلى دور بني جَبَلة من کندة، فمشى حتّى انتهى إلى باب امرأة يقال لها طوعة، اُمّ ولد کانت للأشعث بن قيس، فأعتقها، فتزوّجها اُسيد الحضرمي، فولدت له بلالاً، وکان بلالٌ قد خرج مع النّاس واُمّه قائمة تنتظره، فسلّم عليها ابن عقيل، فردّت عليه، فقال لها : يا أمة الله، اسقيني ماء، فدخلت فسقته، فجلس، وأدخلت الإناء ثمّ خرجت، فقالت : يا عبد الله، ألم تشرب ؟ قال : بلى . قالت : فاذهب إلى أهلک، فسکت، ثمّ عادت فقالت مثل ذلک، فسکت، ثمّ قالت له : فيَّ الله، سبحان الله يا عبد الله، فمرّ إلى أهلک عافاک الله، فإنـّه لا يصلح لک الجلوس على بابي، ولا اُحلّه لک، فقام فقال : يا أمة الله، ما لي في هذا المصر منزلٌ ولا عشيرة، فهل لک إلى أجر ومعروف، ولعلّي مکافئکِ به بعد اليوم ؟ فقالت : يا عبد الله وما ذاک ؟ قال : أنا مسلم بن عقيل، کذّبني هؤلاء القوم وغرّوني، قالت : أنت مسلم ؟ قال : نعم . قالت : ادخل، فأدخلته بيتاً في دارها غير البيت الذي تکون فيه، وفرشت له، وعرضت عليه العشاء فلم يتعشّ، ولم يکن بأسرع من أن جاء ابنها، فرآها تکثر الدخول في البيت والخروج منه . فقال : والله ! إنـّه ليريبني کثرةُ دخولکِ هذا البيت منذ الليلة وخروجکِ منه، إنّ لکِ لشأناً ؟ قالت : يا بني، الْهُ عن هذا، قال لها :
والله لتخبرني، قالت : أقِبل على شأنک ولا تسألني عن شيء، فألحّ عليها، فقالت : يا بنيّ، لا تحدّثن أحداً من النّاس بما اُخبرک به، وأخذت عليه الأيمان، فحلف لها، فأخبرته، فاضطجع وسکت، وزعموا أنـّه قد کان شريداً من النّاس، وقال بعضهم : کان يشرب مع أصحاب له . ولمّا طال على ابن زياد وأخذ لا يسمع لأصحاب ابن عقيل صوتاً کما کان يسمعه قبل ذلک، قال لأصحابه : أشرفوا فانظروا هل ترون منهم أحداً، فأشرفوا فلم يروا أحداً، قال : فانظروا لعلّهم تحت الظلال قد کمنوا لکم، ففرعوا بحابح المسجد وجعلوا يخفضون شُعَلَ النّار في أيديهم ثمّ ينظرون هل في الظلال أحدٌ، وکانت أحياناً لا تُضيءُ لهم کما يريدون، فدلوا القناديل وأنصاف الطِّنان تشدّ بالحبال ثمّ تجعل فيها النيران ثمّ تُدلّى حتّى تنتهي إلى الأرض، ففعلوا ذلک في أقصى الظلال وأدناها وأوسطها حتّى فعلوا ذلک بالظلّة التي فيها المنبر، فلمّا لم يروا شيئاً أعلموا ابن زياد، ففتح باب السُّدّة التي في المسجد، ثمّ خرج فصعد المنبر وخرج أصحابه معه، فأمرهم فجلسوا حوله قبيل العتمة، وأمر عمرو بن نافع ألا برئت الذمّة من رجل من الشرطة والعرفاء أو المناکب أو المقاتلة صلّى العتمة إلاّ في المسجد، فلم يکن له إلاّ ساعة حتّى امتلأ المسجد من النّاس، ثمّ أمر مناديه فأقام الصلاة، فقال الحصين بن تميم : إن شئت صلّيت بالنّاس أو يصلّي بهم غيرُک ودخلتَ أنت فصلّيت في القصر، فإنّي لا آمن أن يغتالک بعض أعدائک، فقال : مُر حرسي فليقوموا ورائي کما کانوا يقفون ودُرْ فيهم فإنّي لست بداخل إذاً، فصلّى بالنّاس، ثمّ قام فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال : أمّا بعد، فإنّ ابن عقيل . . قد أتى ما قد رأيتم من الخلاف والشقاق فَبرئِت ذمّة الله من رجل وجدناه في داره، ومَن جاء به فله ديته، اتّقوا الله عباد الله، والزموا طاعتکم وبيعتکم، ولا تجعلوا على أنفسکم سبيلاً . يا حصين بن تميم، ثکلتک اُمّک إن صاح بابُ سکة من سکک الکوفة، أو خرج هذا الرجل ولم تأتني به، وقد سلّطتک على دور أهل الکوفة فابعث مُراصدةً على أفواه السکک، وأصبح غداً واستبر الدور وجسْ خلالها حتّى تأتيني بهذا الرجل، وکان الحصين على شُرطهِ وهو من بني تميم، ثمّ نزل ابن زياد فدخل وقد عقد لعمرو بن حُريث راية وأمّره على النّاس، فلمّا أصبح جلس مجلسه وأذِن للنّاس، فدخلوا عليه، وأقبل محمّد بن الأشعث فقال : مرحباً بمن لا يُستغشّ ولا يُتّهم، ثمّ أقعده إلى جنبه، وأصبح ابن تلک العجوز وهو بلال بن اُسيد الذي آوت اُمّه ابن عقيل فغدا إلى عبدالرحمن بن محمّد بن الأشعث فأخبره بمکان ابن عقيل عند اُمّه قال : فأقبل عبدالرحمن حتّى أتى أباه وهو عند ابن زياد، فسارّه، فقال له ابن زياد : ما قال لک ؟ قال : أخبرني أنّ ابن عقيل في دار من دورنا فنخسَ بالقضيب في جنبه، ثمّ قال : قم فأتني به الساعة . قال ابن شهرآشوب في المناقب : فأنفذ عبيدالله عمرو بن حريث المخزومي ومحمّد ابن الأشعث في سبعين رجلاً حتّى أطافوا بالدار، فحمل مسلم عليهم وهو يقول :
هُوَ الْمَوْتُ فَاصْنَعْ وَيْکَ مَا أَنْتَ صانِعُ***فَأَنْتَ بِکأَسِ الْمَوْتِ لاَ شَکَّ جارِعُ
فَصَبْراً لاَِمْرِ اللهِ جَلَّ جَلاَلُهُ***فَحُکْمُ قَضاءِ اللهِ فِي الْخَلْقِ ذايعُ
فقتل منهم واحداً وأربعين رجلاً، فأنفذ ابن زياد اللائمة إلى ابن الأشعث، فقال : أيّها الأمير، إنّک بعثتني إلى أسد ضرغام، وسيف حسام، في کفّ بطل همام، من آل خير الأنام([2])، قال : ويحک ابن عقيل لک الأمان، وهو يقول : لا حاجة لي في أمان الفجرة([3])، وهو يرتجز :
أَقْسَمْتُ لاَ اُقْتَلُ إِلاَّ حُرّاً***وَإِنْ رَأَيْتُ الْمَوْتَ شَيْئاً نُکْرا
أَکْرَهُ أَنْ اُخْدَعَ أَوْ اُغَرّا***کُلِّ امْرِئ يوماً يُلاقي شَرّا
أَضْرِبُکمْ وَلاَ أَخافُ ضرّاً***ضَرْبَ غُلام قَطٍّ لَمْ يُغرّا
فضربوه بالسهام والأحجار حتّى عيي واستند حائطاً، فقال : ما لکم ترموني بالأحجار کما تُرمى الکفّار، وأنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار، ألا ترعون حقّ رسول الله في ذرّيّته ؟ فقال ابن الأشعث : لا تقتل نفسک وأنت في ذمّتي، قال : اؤسر وبي طاقة، لا والله، لا يکون ذلک أبداً، وحمل عليه، فهرب منه .
فقال مسلم : اللّهمّ إنّ العطش قد بلغ منّي، فحملوا عليه من کلّ جانب، فضربه بکير بن حمران الأحمري على شفته العليا، وضربه مسلم في جوفه فقتله، وطُعنَ من خلفه فسقط من فرسه، فاُسِر .
فقال مسلم : اسقوني شربة من ماء، فأتاه غلام عمرو بن حريث بشربة زجاج وکانت تُملى دماً،وسقطت فيه ثنيّة، فاُتي به إلى ابن زياد فتجاوبا، وکان ابن زياد يسبُّ حسيناً وعليّاً (عليهما السلام) .
فقال مسلم : فاقض ما أنت قاض يا عدوّ الله، فقال ابن زياد : اصعدوا به فوق القصر واضربوا عنقه، وکان مسلم يدعو الله ويقول : اللّهمّ احکم بيننا وبين قوم غرّونا وخذلونا، فقتله وهو على موضع الحدائين، ثمّ أمر بقتل هانئ بن عروة في محلّة يباع فيها الغنم، ثمّ أمر بصلبه منکوساً، وأنشد أسدي :
فَإِنْ کُنْتِ لا تَدْرِينَ ما المَوْتُ فانظُرِي***إِلى هانِى في السُّوقِ وَابنِ عَقِيلِ
وأنفذ رأسيهما إلى يزيد في صحبة هانئ بن حبوة الوادعي، فنصب الرأسين في درب من دمشق .
انتهای پیام
Share:
Tags:
حدد النقاط ...
✰
✰✰
✰✰✰
✰✰✰✰
✰✰✰✰✰